مرض التعميم
في نسخة جديدة و لكن بالتأكيد لن تكون أخيرة .. أطلق الرئيس المصري حسني مبارك تهمة ولاء الشيعة في العراق لإيران بناء على دوافع عقدية ..
ربما يمكن القول بأن الكثير من الأحداث التي تجري في العراق مؤخراً تثبت مثل هذه المقولة بشكل نسبي .. لكن المشكلة في تصريح الرئيس المصري هو التعميم الشامل على كل الشيعة العراقيين.. مع أن لا أحد يملك دليلاً على أن جميع الشيعة العراقيين يوالون إيران على حساب وطنهم!!
هذا المرض هو أمر نعاني منه كثيراً ... لا يتمثل فقط في موقف و كلام الرئيس المصري عن الشيعة بل هو أمر يمارسه الكثيرين بصورة شبه يومية ..
فنعمم من خلال حادثة واحدة على أخلاق شخص .. بل ربما ننجر لإتهام طائفة معينة بناءً على موقف بضعة أشخاص .. و الأدهى أن نتهم مواطني دولة معينة بناء على تصرف شخص واحد .. و نفس الأمر قد يحدث حينما نتهم عرقاً معيناً بتهمة أو أخرى!.
الغريب أننا نمارس هذا الأمر من غير وعي في كثير من الأحيان.. فنجد مثلاً أن بعض السود الأمريكين يمارسون تعميماً على .. مثلاً .. العرب بأنهم متشددون بينما و في نفس الوقت يعاني هؤلاء السود الأمريكيين من الكثير من المواقف العنصرية التي تمارس ضدهم من قبل فئات أخرى من الأمريكيين. نفس الشئ أفعله شخصياً حينما أعمم بعض الأمور على فئات و جنسيات متعددة .. لا أعلم ما هو الدافع النفسي لمثل هذه التصرفات .. لكن من واجب الإنسان أن يقاوم إندفاعه نحو التعميم لأن ذلك يكون وسيلة للخروج من مأزق معين و إضفاء صفة في الغالب سلبية بالأخرين من أجل أن نشعر بشكل أفضل تجاه أنفسنا.
بالطبع هذه المشكلة ليست محصورة في إتهام الأخرين بعيوب مختلفة بل تمتد لفكرة غريبة لكن تتم ممارستها على نطاق واسع .. و هى حينما يعبر أحدنا عن رأيه بصورة تعكس بأن هذا الرأي هو رأي الجميع .. فيتم إستخدام ألفاظ الجمع مثل "نحن .. و نعتقد .. و نؤيد" .. بينما المتحدث لا يعبر في الحقيقة إلا عن رأيه الفردي .. لكن يبدوا أن العقل الباطن يرى أن هذا الرأي هو الذي يجب أن يتفق عليه الجميع .. حتى و إن لم يوجد دليل على أن رأي الفرد هو في الحقيقة رأي الجماعة.. فيكون الحديث بصورة الجمع و التعميم!.
0 Comments:
Post a Comment
<< Home